المقدمة

تُعد الأماكن التاريخية "بقيع الغرقد" في المدينة المنورة موقعًا تاريخيًا ودينيًا ذا أهمية بالغة، حيث تُعتبر مثوىً للعديد من الصحابة والتابعين الكرام، مما يضفي عليها قدسية خاصة لدى المسلمين حيث يقصدها ملاين الزوار"الحجاج , المعتمرين" في كل سنة مما يسبب ازدحام شديد وتدافع يُقدم هذا التقرير تفاصيل مشروع تحويلها إلى منطقة ذكية متكاملة لسهولة التنقل واضفاء طابع للزوار، وهو مشروع يهدف إلى تعزيز هذا الموقع التاريخي العريق من خلال تطبيق تقنيات متقدمة لرفع كفاءته، وتعزيز أمنه، وراحة زواره.

يتجاوز هذا المشروع مجرد تطبيق تقنيات ذكية، بل يمثل رؤية شاملة لتحسين تجربة الزائر وهو يحقق مستهدفات استراتيجية امانة المدينة المنورة ومستهدفات رؤية 2030 في خدمة ضيوف الرحمن، لتعزيز الخدمات الثقافية والدينية لمساعدة الزوار على الاستفادة القصوى من زيارتهم بدءًا من سهولة الوصول إلى المعلومات وحتى توفير بيئة آمنة ومريحةلهذا المكان المقدس.

سنتناول في هذا التقرير بالتفصيل أهداف المشروع، والتحديات التي تم مواجهتها، والمراحل التقنية المتبعة في تطويره، بالإضافة إلى تحليل دقيق لأثاره الاقتصادية والاجتماعية والزمنية، مع التركيز على الاستدامة والأثر الإيجابي على المجتمع المحلي. سنسلط الضوء أيضاً على الاستراتيجيات المتبعة لضمان دمج هذه التقنيات بشكل متناغم مع الطابع التاريخي والديني للمقبرة.

الهدف من المشروع

يتمثل الهدف الرئيسي في تطوير المنطقة التاريخية "بقيع الغرقد" لتصبح منطقة تدار عبر تقنيات ذكية متكاملة، معتمداً على أحدث التطورات في تقنيات الذكاء الاصطناعي"الروية بالحاسب"، وإنترنت الأشياء، وتحليل البيانات الضخمة. يهدف المشروع إلى تعزيز كفاءة الخدمات المقدمة للزوار، مع ضمان استدامة طويلة الأمد. كما يهدف إلى إثراء التجربة الروحية للزائر، وتوفير بيئة آمنة ومريحة، بالإضافة إلى توفير خدمات استباقية تلبي احتياجاتهم. ويشمل ذلك تسهيل إجراءات إكرام الموتى، مع مراعاة خصوصية الأسر، وتوفير الدعم اللازم لهم. تم تنفيذ المشروع مع مراعاة شاملة للطابع التاريخي والديني لبقيع الغرقد ، والجوانب الثقافية والاجتماعية ذات الصلة.

المشاكل والأسباب التي أدت لتبني هذا الحل :

قبل تطبيق هذا الحل، واجهت المنطقة التاريخية "بقيع الغرقد " العديد من التحديات، تشمل:

  • عدم وجود نظام إنارة ذكي: كانت "بقيع الغرقد " تفتقر إلى نظام إنارة متطور يمكن التحكم فيه بفعالية، مما أثر على توفير الإضاءة المناسبة خاصة في أوقات الصلاة والمناسبات الدينية. .
  • أمن غير كافٍ: لم تكن هناك كاميرات مراقبة متقدمة أو نظام أمني شامل يضمن حماية الزوار والموقع من أي سلوك أو انتهاكات للاماكن التاريخية . .
  • نقص في خدمات الطوارئ والدعم: لم تتوفر وسائل فعّالة للاتصال بمكالمات الطوارئ أو نظام مخاطبة الجمهور لتقديم الدعم الفوري للزوار عند الحاجة.
  • غياب التقنيات الذكية أو الذكاء الاصطناعي لتحسين إدارة الموقع ومراقبة الأداء البيئي والبنية التحتية لم يكن هناك استخدام لتقنيات إنترنت الأشياء IoT.

3D View Simulation
Site Photos

مقومات وخصائص المشروع المميزة

  • الأعمدة الذكية: تم تركيب 32 عمودًا ذكيًا مزودًا بنظام تحكم متكامل يشمل التحكم الذكي بالإضاءة، كاميرات المراقبة، مكالمات الطوارئ، ونظام مخاطبة الجمهور، بالإضافة إلى مستشعرات للمراقبة البيئية لضمان حلول شاملة.
  • مراكز البيانات: يوجد مركز بيانات في البقيع وآخر في أمانة المدينة المنورة، مما يضمن إدارة مركزية وفعالة للبيانات والخدمات المقدمة
  • إنترنت الأشياء (IoT): يعتمد المشروع على نظام إدارة وتحكم باستخدام تقنيات الحوسبة الطرفية وإنترنت الأشياء Agile Controller-IoTوالذي يدعم إدارة الأجهزة، وإدارة الملفات، وشبكة المنطقة الميدانية FAN والتوصيل والتشغيل للأجهزة، وإدارة التراخيص، وتكوين الخدمات، ومراقبة الأداء، والعمليات والصيانة O&M وإدارة النظام.
  • يوفر النظام أيضًا إمكانيات تحليل البيانات الضخمة وواجهات برمجة التطبيقات المفتوحة APIs للتكامل مع الأنظمة الأخرى، مما يمكّن العملاء من إجراء تكوين الخدمات وتوفيرها والصيانة الروتينية بشكل مستقل عبر شبكة متعددة المستأجرين، مع تنفيذ الإدارة السحابية لعدد كبير من الأجهزة..
  • شبكة عالية الأداء: تم تصميم شبكة عالية الأداء ومقسمة منطقيًا إلى مناطق لتوفير أداء مستقر وقابل للتوسع تتبع الشبكة تصميمًا متعدد الطبقات بحيث تحتوي كل طبقة على وظائف واضحة وهيكل مستقر، مما يسهل التوسع والصيانة، كما أن التصميم المعياري للشبكة يتيح توافق الوحدات مع بعضها البعض، ويسهل تحديد مواقع الأخطاء، ويضمن أن تغييرات هيكل الشبكة في وحدة معينة لا تؤثر على الوحدات الأخرى..
  • يتميز التصميم أيضًا بالتكرار العالي للتوافر، مما يعزز موثوقية الشبكة واستمراريتها.
  • خدمات إكرام الموتى المتكاملة: يتضمن المشروع تطوير خدمة إكرام الموتى بطريقة متكاملة تبدأ من لحظة الإبلاغ عن الوفاة حتى إصدار شهادة الدفن. يشمل ذلك التنسيق مع الجهات المعنية وتوفير الدعم اللازم لذوي المتوفى خلال هذه الأوقات الصعبة، مما يضمن تسهيل الإجراءات وتقديم خدمات سريعة وفعالة، بهذه المميزات المتكاملة، يسعى مشروع "البقيع الذكي" إلى تقديم نموذج رائد في استخدام التقنيات الحديثة لتحسين إدارة المواقع المقدسة وتقديم خدمات متطورة وآمنة للزوار..

الأثر الاقتصادي للمشروع :

أحدث مشروع تحويل "بقيع الغرقد" إلى منطقة ذكية متكاملة باستخدام أحدث التقنيات الناشئة، تأثيراً اقتصادياً إيجابياً كبيراً ومتعدد الأبعاد على المدى الطويل. يمكن تحليل هذا التأثير من خلال عدة محاور رئيسية:

1. خلق فرص عمل:

  • يُخلق المشروع وظائف في مجالات متنوعة، منها: تقنية المعلومات، الإدارة والتشغيل، الصيانة، الخدمات المساندة.
    • يزيد الطلب على الخدمات والمنتجات في القطاعات المرتبطة، مثل:
      • قطاع النقل: شركات النقل التي توفر خدمات نقل الزوار.
      • قطاع البناء: شركات البناء المسؤولة عن تطوير البنية التحتية.

2. توفير الكفاءة وتقليل التكاليف:

  • إدارة الموارد: تساعد الأنظمة الذكية في رفع كفاءة التشغيل ، مما يقلل من تكاليف الصيانة
  • تساهم الأنظمة الذكية في الكشف المبكر عن سلوك الزوار مما يمكن الجهة المسولة التعامل بسرعة التجاوب مع السلوك ومعالجته . .
  • تعزز أنظمة المراقبة الذكية الأمن، مما يقلل من تكاليف الأمن التقليدية .

3. تحسين صورة المدينة:

يساهم المشروع في تحسين صورة المدينة المنورة كوجهة للزوار "المعتمرين و الحجاج " وترك اثر إيجابي لتجربتهم في زيارة الأماكن التاريخية ، مما يجذب المزيد من الزوار .

الأثر الزمني وتحسين سير العمل في المشروع:

أدى استخدام التقنيات الحديثة إلى تحسين سير العمل بشكل كبير من خلال:

  • سرعة الاستجابة للحوادث: يُمكن النظام من الاستجابة السريعة للحوادث والطوارئ، من خلال نظام الإنذار المبكر وإمكانية الاتصال الفوري بالجهات المختصة.
  • تسريع عمليات الصيانة والإدارة: الكشف المبكر عن الأعطال من خلال تقنيات IoT يُقلل من وقت التوقف للخدمة، مما يُسرّع من عمليات الصيانة والإصلاح. التحكم الآلي في الأجهزة يُسرّع من عمليات التشغيل والإغلاق، ويُقلل من وقت الانتظار. كفاءة إدارة البيانات تُسرّع من عمليات اتخاذ القرارات..
  • اتخاذ قرارات أسرع وأكثر فعالية: الوصول السريع إلى البيانات الدقيقة من خلال مركز البيانات المتقدم يُمكّن من تحليل المعلومات منها سلوك الزوار واتخاذ قرارات مدروسة في وقت أقصر. هذا يُساهم في تحسين استجابة الموقع للأحداث والطلبات المختلفة..
  • تبسيط إجراءات إكرام الموتى وتقليل وقت الانتظار: الخدمة المتكاملة تُقلل من الوقت اللازم لإتمام إجراءات إكرام الموتى.

مراحل تطوير المشروع تقنياً:

تضمن تطوير المشروع عدة مراحل رئيسية، تم تنفيذها بالتعاون مع خبراء في مختلف المجالات لتحقيق التكامل والكفاءة

  • التخطيط والتصميم: تضمنت هذه المرحلة دراسة معمقة للموقع، وتحديد المتطلبات الفنية والوظيفية، واختيار التقنيات المناسبة، وتصميم البنية التحتية اللازمة، مع مراعاة الاندماج مع البيئة المحيطة والحفاظ على الطابع التاريخي للموقع. تم إعداد خرائط تفصيلية للموقع ووضع خطة للتنفيذ المرحلي..
  • تركيب البنية التحتية: شملت هذه المرحلة تركيب الأعمدة الذكية، كاميرات المراقبة عالية الدقة، شبكة اتصالات عالية الأداء باستخدام تقنيات 5G لتحقيق سرعة وفعالية في نقل البيانات، ومراكز البيانات الموزعة لضمان استمرارية العمل. تم تركيب 32 عمودًا ذكيًا مزودًا بأنظمة متكاملة للتحكم بالإضاءة الذكية، وكاميرات المراقبة ذات الرؤية الليلية والقدرة على التعرف على الوجوه (مع مراعاة الخصوصية والأبعاد الأخلاقية)، ومكالمات الطوارئ، ونظام مخاطبة الجمهور، بالإضافة إلى مستشعرات للمراقبة البيئية والتحكم في درجة الحرارة والرطوبة..
  • برمجة وتكوين النظام: تم برمجة وتكوين أنظمة الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وإدارة الفيديو، باستخدام أحدث الخوارزميات والبرامج المتخصصة، لضمان عملها بكفاءة عالية ودقة متناهية. يعتمد المشروع على نظام إدارة وتحكم مركزي يستخدم تقنيات الحوسبة الطرفية وإنترنت الأشياء (Agile Controller-IoT) لضمان السرعة والاستجابة الفورية. تم تطوير تطبيقات خاصة للموظفين وللزوار لتسهيل الوصول إلى المعلومات وخدمات الدعم..
  • الاختبار والتشغيل: تم اختبار النظام بشكل شامل لضمان عمله بكفاءة عالية قبل إطلاقه، وتم إجراء اختبارات متعددة في ظروف مختلفة لتقييم أداء النظام في جميع المواقف. تم إشراك الفرق العاملة في المقبرة في عملية الاختبار لضمان سهولة استخدام النظام.
  • الصيانة والدعم: يتضمن المشروع خطة شاملة للصيانة والدعم الفني على مدى طويل، مع توفير فريق متخصص للتعامل مع أي مشاكل فنية أو صيانة دوريه للأجهزة والتحديثات البرمجية اللازمة.

3D View Simulation
Site Photos
Site Photos
Site Photos
Site Photos

ختاماً:

يُمثل مشروع تحويل "البقيع الغرقد "إلى منطقة ذكية متكاملة نقلة نوعية في إدارة المواقع الدينية والتاريخية، وهو مشروع ريادي يُظهر إمكانيات التقنية في خدمة المجتمع والحفاظ على التراث. يُساهم هذا المشروع في تحسين تجربة الزوار وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 في تطوير الإمكان التاريخية وتحسين تجربة الزوار، تعزيز الأمن، رفع كفاءة استخدام الموارد، وإثراء التجربة الروحية للزوار. نأمل أن يكون هذا المشروع نموذجاً يحتذى به في مشاريع مماثلة في جميع أنحاء العالم، مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والدينية للمواقع المختلفة. كما أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، يُعزز من كفاءة النظام وقدرته على التطور والتكيف مع المتطلبات المستقبلية. ويساهم التصميم المعياري للشبكة في سهولة الصيانة والتوسع في المستقبل، مع إمكانية إضافة ميزات جديدة وتقنيات متطورة بسهولة.

تاريخ أخر تحديث : 06/08/1446 - 11:40 م بتوقيت السعودية


هل كانت هذه الصفحة مفيدة؟

من المستخدمين قالوا نعم من

نحرص على خصوصية البيانات

موقع امانة منطقة المدينة المنوره يستخدم ملفات تعريف الارتباط للتعرف على المستخدم و فهم احتياجاته كمستخدم لتوفير سهولة الوصول و تجربة مستخدم أفضل. من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع فإنك توافق على سياسة الخصوصية لهذا موقع.